كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

يذكر نارًا ناولها صاحبه، وقوله: (أحيها بروحك)، أي: بنفخك، وقد قال الله تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] وقال آخرون: سمي روحًا لأنه يهتز وينبسط وينتشر في جميع البدن، من قولهم: رجْلٌ أروح، ورِجلٌ روحاء، هي التي في صَدْرِ قدمها انبساط، وقَصْعَةٌ رَوْحَاءُ قريبة القَعْرِ منبسطة، وإناء أروح (¬1)، وسميت الخمر رَاحًا لاهتزاز البدن وخفته وانبساطه عند شربها (¬2).
واختلفوا في ماهية (¬3) الروح (¬4)؛ فقال قوم: إن الروح هو الدم، ألا ترى أن من نزف دمه مات، والميت لا يفقد جِسْمُه إلا الدم (¬5)، وزعمت
¬__________
= و"اللسان" (روح) 3/ 1766، و"المفردات" ص 687 بلا نسبة.
(ارفعها): أي ارفع النار، (اقتته): افتَعِلهُ من القوت، وقاته يقوته قُوتًا: أطعمه قُوتَه، وأقاته يُقِيتُهُ: جعل له ما يقوته، ويقال: ما له قوت ليلة، وقِيتُ ليلة، وقيتَةُ ليلة، نحوُ: الطعْمِ والطِّعْمَةِ.
(¬1) انظر: راح في "تهذيب اللغة" 2/ 1313، و"المحيط في اللغة" 3/ 198، و"مقاييس اللغة" 2/ 454، و"الصحاح" 1/ 367، و"اللسان" 3/ 1766.
(¬2) انظر: "التلخيص في معرفة أسماء الأشياء" 2/ 504.
(¬3) في جميع النسخ: (مائية)، والصواب المثبت كما دلّ عليه التفصيل بعده.
(¬4) ليت الواحدي -رحمه الله- لم يخض في هذا الموضوع الفلسفي الذي لا طائل من ورائه ولا يقوم عليه عمل، وبحث لا يستند إلى علم، لذلك كان الأولى، بل الواجب أن يفوض أمر ماهية الروح ومسكنه ومدخله ومخرجه -مما تكلم عنه- إلى الله تعالى، كما قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، وما أحسن ما قاله ابن الجوزي، قال: وقد اختلف الناس في ماهية الروح .. ولا يُحتاج إلى ذكر اختلافهم؛ لأنه لا برهان على شيء من ذلك، وإنما هو شيء أخذوه عن الطب والفلاسفة، فأما السلف فإنهم أمسكوا عن ذلك، لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} انظر: "البغوي" 5/ 126، و"ابن الجوزي" 5/ 83.
(¬5) انظر: "تفسير البغوي" 5/ 126، و"الخازن" 3/ 179.

الصفحة 465