كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

هو يشتمل جميع البدن، ففي كل بعضٍ من أبعاضِ البدن بعضٌ مِن أبعاضِ الروح، واحتج بقوله: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [إبراهيم: 17]، وهذا كله إذا رجعت إلى التحقيق ضرب من التكلُّف (¬1)؛ لأن الله تعالى أبهم على ذلك (¬2).
قال عبد الله بن بُريدة: ما يبلغ الجن والإنس والملائكة والشياطين علم الروح، ولقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يدري ما الروح (¬3).
وقال الفراء: الروح هو الذي يعيش به الإنسان، لم يخبر الله به أحدًا من خلقه، ولم يعط علمه أحدًا من عباده (¬4).
وقال في قوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} من علم ربي لا تعلمونه (¬5)، وقيل: من خلق ربي، أي: أنه مخلوق له.
وقوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، أي: بالإضافة إلى علم الله تعالى، وذلك أن اليهود كانت تدّعى علم كل شيء بما في كتابهم التوراة، فقال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} قال أبو إسحاق: وقليل وكثير لا يصلح إلا بالإضافة، وإنما يَقِلُّ الشيء عند ما هو أكثر منه، وكذلك يكثر عند ما هو أقل منه (¬6)، ويجوز أن يكون الخطاب في قوله:
¬__________
(¬1) في جميع النسخ: (التكليف). والصواب ما أثبته.
(¬2) لذلك كان الأولى أن لا يخوض في هذه المسألة أصلاً.
(¬3) ورد في "الأضداد" لابن الأنباري ص 426 مختصرًا، وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" ص 193، بنصه، انظر:"تفسير السمعاني" 3/ 275، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 362 مختصرًا، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(¬4) ورد في " تهذيب اللغة" (راح) 2/ 1313، بنصه تقريبًا.
(¬5) "معاني القرآن" للفراء 2/ 130، بنحوه.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 258، بتصرف يسير.

الصفحة 470