كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

87 - ثم قال: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} قال الفراء: هو استثناء، كقوله: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ} (¬1) [يوسف: 68].
وقال أبو إسحاق: {رحَمَتَ} استثناء ليس من الأول (¬2)، المعني لكن الله رَحِمَك، فأثبت ذلك في قلبك وقلوب المؤمنين (¬3).
وقوله تعالى: {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} قال ابن عباس: يريد حيث جعلتك سيدَ ولد آدم، وختمت بك النبيين، وأعطيتك المقام المحمود (¬4).

88 - قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا} الآية. هذا احتجاج من الله تعالى عليهم بالمعجزة، أعلمهم -وهم أهل البيان وتأليف الكلام- عجزهم عن الإتيان بمثل ما أتى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن تعاونوا عليه، قال المفسرون: هذا تكذيب للنضر بن الحارث حين قال: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} (¬5) [الأنفال: 31].
وقال مقاتل: إن نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- تحداهم أولاً فقال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} [هود: 13]، فعجزوا عن ذلك، فتحداهم وقال: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23]، فعجزوا، فآيسهم الله تعالى عن معارضته بمثل ما أتى به في هذه الآية (¬6).
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 130، بنصه.
(¬2) أي أنه ليس متصلاً، بل هو استثناء منقطع.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 259، بنصه.
(¬4) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 546 بنصه، وبلا نسبة في "تفسير الفخر الرازي" 21/ 54، و"القرطبي" 10/ 325، و"الخازن" 3/ 180.
(¬5) ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 120 ب، بنحوه، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 84.
(¬6) "تفسير مقاتل" 1/ 219 أ، بنحوه.

الصفحة 472