كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

قال المبرد: المعروف في الإنفاق أنه إخراج المال عن اليد، فإن كان قد روي في اللغة معنى الإعدام فهو كما قال أبو عبيدة، وإلا فمعنى الكلام في الآية: خشية أن يستفرغكم الإنفاق ويُجْحِفَ بكم، فيكون الكلام من باب حذف المضاف على تقدير: خشية ضرر الإنفاق وما أشبهه (¬1)، وهذا معنى قول السدي: خشية أن ينفقوا فيفتقروا (¬2).
وقوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: بخيلًا (¬3)، يقال: قَتَرَ يَقْتِرُ ويَقْتُر قَتْرًا، وأقْتَرَ إقتارًا، وقَتَّر تَقْتيرًا، إذا قَصَّر في الإنفاق (¬4).
قال الليث: القَتْرُ: الرُّمْقة في النَّفقة؛ وهو أن ينفق ما (¬5) يُمْسِك الرّمَق (¬6).
فإن قيل في الناس: الجواد المُبَذِّر، فلم قيل: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا}؟ الجواب: أن الأغلب عليهم البخل والاقتصار، ولا اعتبار بالنادر، على أن
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي 2/ 554، بنصه.
(¬3) أخرجه "الطبري" 15/ 170 بلفظه عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، ومن طريق ابن جريج (صحيحة)، وعن قتادة، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 199، عن ابن عباس، و"تفسير الماوردي" 3/ 276، عنهما, أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 369 وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن عباس، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن قتادة.
(¬4) انظر: (قتر) في "جمهرة اللغة" 1/ 393، و"المحيط في اللغة" 5/ 360، و"مجمل اللغة" 2/ 742، و"اللسان" 6/ 3525.
(¬5) في (أ)، (د)، (ش): (ماله)، والمثبت من. (ع)، وبه يستقيم المعنى، وهو أقرب لما في المصدر.
(¬6) ورد في "تهذيب اللغة" (قتر) 3/ 288، بتصرف.

الصفحة 492