كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

106 - قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} يَنْتَصبُ قرآنًا بإضمار فعل، مثل الذي ظهر (¬1)، قال أبو علي: (وَقُرْءَانًا) يحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون محمولًا على {أَنْزَلْنَاهُ} كأنه قال: بالحق أنزلناه وأنزلنا قرآناً, فانتصابه على أنه مفعول به، والوجه الآخر: أن تعطفه على ما يتصل به كأنه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وذا قرآن وصاحبَ قرآن (¬2)، فحذف المضاف (¬3)، وعلى ما ذكر أبو علي -في القول الثاني- يجب أن يكون القرآن نكرة لوصفه له بالجملة من غير الذي، وقد ذكر في قوله: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزمر: 28] أنه يجوز أن يكون نكرة (¬4)، وذلك غير جيد لتنكير (¬5) الاسم العلم (¬6)، و {فَرَقْنَاهُ}: فَصَّلناه، قاله علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (¬7).
¬__________
(1) مذهب سيبويه؛ أن نصبه بفعل مضمر يفسره الظاهر بعدُ؛ أي: وفرقناه قرآنًا، "تفسير ابن عطية" 9/ 215.
(¬2) في (أ)، (د)، (ش): (قرآنًا). وهو خطأ نحوي ظاهر، والمثبت من (ع) وموافق لما في المصدر.
(¬3) "المسائل الحلبيات" ص 298، بنصه. وهذا القول فيه تكلف وبعد عن ظاهر القرآن الواضح، وظاهر الآيتين أن الله تعالى وصف القرآن الكريم بثلاث صفات، أنه كله حق لأنه نزل من عنده، والثاني: أن جميع ما فيه حق لا مرية فيه، والثالث: أنه جاء محكمًا مفصلًا وواضحًا بَيّنًا، أو أراد وصفه بأنه نزل منجمًا مفرقًا بحسب الوقائع والأحداث. أملاه عليّ أ. د. فضل عباس، أحد علماء الأردن المعاصرين.
(¬4) المصدر السابق ص 297، بنحوه.
(¬5) في (أ)، (د)، (ش): (لنكير)، والمثبت من (ع).
(¬6) وهذه إشارة إلى أنه من القائلين بأن القرآن علم مرتجل، وهي مسألة خلافية بين العلماء في أصل القرآن، هل هو مشتق أو علم مرتجل؟ انظر: "مناهل العرفان" 1/ 14، و"المدخل لدراسة القرآن الكريم" ص 17، و"مباحث في علوم القرآن" ص 16.
(¬7) أخرجه "الطبري" 15/ 178 بلفظه من هذه الطريق (صحيحة)، وورد بلفظه في "تفسير الثعلبي" 7/ 123 أ.

الصفحة 502