كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

110 - قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ} الآية. قال ابن عباس: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وهو ساجد ذات ليلة: يا رحمن، فسمعه أبوجهل -وهم لا يعرفون الرحمن-، فقال: إن محمدًا ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهًا آخر مع الله يقال له: الرحمن، فأنزل الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ} (¬1) ,أي: قل يا محمد: ادعوا الله يا معشر المشركين (¬2)، {أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} أي إن شئتم قولوا: يا الله، وإن شئتم قولوا: يا رحمن.
{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أن دعاءهم الله ودعاءهم الرحمن يرجعان إلى واحدٍ، فقال: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} المعنى أي أسماء الله تدعوا {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (¬3).
وقال المبرد: يقول إذا دعوتم الله الرحمن فإنما تدعون واحداً، يعني أن تَخْيِيره (¬4) بين أن يُدْعى الله وبين أن يدعى الرحمن إنّما هو لأنهما واحد، يَدلّ على هذا: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (¬5) قال النحويون: (أي) في الكلام تقع في ثلاثة مواضع؛ أحدها: الاستفهام، والآخر: الجزاء، والثالث: الخبر (¬6)، فإذا كان استفهامًا أو جزاءً لم تَحْتَج إلى صلة، وعمل
¬__________
(¬1) أخرجه "الطبري" 15/ 182، بنحوه من طريق أبي الجوزاء (ضعيفة)، وورد بنحوه في "تفسير الثعلبي" 7/ 123 ب، و"الماوردي" 3/ 281، و"الطوسي" 6/ 533، وأورده المؤلف في "أسباب النزول" ص 302، بنحوه بلا سند، وأورده السيوطي في "الدر" و"اللباب" 5/ 348، ص 142 وعزاه إلى ابن مردويه.
(¬2) في جميع النسخ: (يا معشر المؤمنين)، والصواب ما أثبته، كما في "الطبري" 15/ 182، و"ابن كثير" 3/ 77، وسياق الكلام يدل عليه.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 264، بنصه
(¬4) في (أ)، (د)، (ش): (يختبره)، والمثبت من (ع).
(¬5) لم أقف عليه.
(¬6) ذكر في "الأزهية" أنها تأتي على سنة أوجه: تكون جزاءً، واستفهامًا، وخبرًا, وتعجبًا، ونداءً، ونعتًا فيه معنى المدح، انظر:"حروف المعاني" للزجاجي ص 62، و"الأزهية" ص 106، و"مغني اللبيب" ص 107.

الصفحة 510