كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

هُنَالِكَ} [ص: 11] , و {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40]، و {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} [نوح: 25]، و {تَدْعُونَ} في موضع جزم بأي؛ لأنه من حروف الشرط والجزاء، يقول: أيّهم يعط أعط، وعلامة الجزم في تدعوا سقوط النون التي تثبت للرفع في يفعلون، وجواب الشرط (الفاء) في قوله: {فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}.
وقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} روى سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرفع صوته بالقرآن فإذا سمعه المشركون سَبُّوه وسَبُّوا من جاء به، فأوحى الله إليه: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} فيسمعه المشركون فيسبوه، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} فلا يسمع أصحابك، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}، أي: أسمعهم القرآن أحيانًا يأخذوا عنك) (¬1)، وهذا قول قتادة والسدي (¬2)، واختيار أبي إسحاق، قال: المخافتة: الإخفاء، والجهر: رفع الصوت.
وكان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا جهر بالقرآن سبّ المشركون القرآن، فأمر الله أن لا يعرّض القرآن لسبهم، وأن لا يخافت مخافتةً لا يسمعها من يصلي خلفه من أصحابه فقال: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}، أي اسلك طريقًا بين الجهر
¬__________
(¬1) أخرجه بنحوه من طريق سعيد: أحمد 1/ 23, والبخاري (4722) كتاب التفسير, باب {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، ومسلم (446) في الصلاة، باب التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية، و"الطبري" 15/ 184 من طرق، والطبراني في "الكبير" 12/ 55، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 207، و"تفسير الثعلبي" 7/ 123 ب، و"الماوردي" 3/ 281، وأخرجه المؤلف في "أسباب النزول" ص 303، بنحوه.
(¬2) أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 392، بنحوه عن قتادة، و"الطبري" 15/ 186، بنحوه من طريقين عن قتادة.

الصفحة 512