وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا فتنة الدنيا" (¬1). قال الزجاج: (و {أَيُّهُمْ} رفع بالابتداء؛ لأن لفظه لفظ الاستفهام) (¬2). والمعنى: ليختبر أهذا أحسن أم هذا، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله إلا ما يخبر، وإنما يعمل فيه ما بعده. ثم أعلم جل وعز أنه [مبيد] (¬3) ومُفْن ذلك كله.
8 - بقوله: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 8].
قال أبو عبيد: (الصعيد: المستوي من الأرض) (¬4). وقال الزجاج: (الصعيد: الطريق الذي لا نبات فيه) (¬5). ومثله قال المفضل. وقد ذكرنا تفسير الصعيد في آية التيمم (¬6).
وأما الجرز فقال الفراء: (الجُرُز: الأرض لا نبات فيها، يقال: جُرِزَت الأرض فهي مجروزة، وجَرَزَها الجرادُ أو النساء أو الإبل أكلت ما عليها) (¬7).
وقال الزجاج: (الجرز: الأرض التي لا تنبت، كأنها تأكل النَّبْت
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في "صحيحه" كتاب: الرقائق باب: أكثر أهل الجنة الفقراء 4/ 2098، والترمذي في "جامعه" كتاب: الفتن باب: ما جاء في ما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه 4/ 483، وابن ماجه في "سننه" كتاب: الفتن، باب: فتنة النساء 2/ 1325، والإمام أحمد في "مسنده" 3/ 19.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 269.
(¬3) في الأصل وجميع النسخ التي اطلعت عليها: (مبتدأ)، وما أثبته في الأصل هو الصواب عندي، وهو الذي يدل عليه السياق، وهو المثبت في تفسيره الوسيط.
(¬4) "غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 275، و"تهذيب اللغة" (صعد) 2/ 2014.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 269.
(¬6) عند قوله سبحانه في سورة النساء الآية رقم (43)، وفي سورة المائدة الآية رقم (6): {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43].
(¬7) "معاني القرآن" للفراء 2/ 134.