كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

10 - قوله تعالى: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ} الآية، "إِذْ" هنا لا يجوز أن يكون متعلقًا بما قبله على تقدير: أم حسبت إذ أوى الفتية؛ لأنه كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينهم مدة طويلة، فلم يتعلق الحسبان بذلك الوقت الذي أووا فيه إلى الكهف، وإذ يتعلق بمحذوف كأنه قيل: اذكر إذا أوى (¬1). كما قلنا في مواضع كثيرة. ومعنى {أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ}: صاروا إليه وجعلوه مأواهم (¬2).
قال ابن عباس: (يريد هربوا إلى الكهف) (¬3). وذكرنا الكلام في الفتية عند قوله: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ} [يوسف: 62] في سورة يوسف.
وقوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أخبر الله تعالى أنهم لما هربوا عمن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أي: أعطنا من عندك مغفرة ورزقًا (¬4).
قال ابن عباس: (يريدون تغنينا بها عن جميع من سواك) (¬5)، يعني أن قولهم: {مِنْ لَدُنْكَ} تتضمن هذا المعنى.
¬__________
(¬1) "الدر المصون" 7/ 446، و"البحر المحيط" 6/ 102، و"التفسير الكبير" 11/ 83، و"إملاء ما من به الرحمن" 1/ 395.
(¬2) "زاد المسير" 5/ 108، و"التفسير الكبير" 11/ 83، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 270.
(¬3) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "النكت والعيون" 3/ 287، و"المحرر الوجيز" 9/ 239، و"زاد المسير" 5/ 108.
(¬4) "معالم التنزيل" 5/ 155 بمعناه، و"الكشاف" 2/ 381، و"المحرر الوجيز" 9/ 245، و"زاد المسير" 5/ 109.
(¬5) ذكر نحوه ابن الجوزي بلا نسبة في "زاد المسير" 5/ 109، والرازى في "التفسير الكبير" 21/ 83، والألوسي في "روح المعاني" 15/ 211.

الصفحة 537