كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

الصبر وثبتناها) (¬1)
وذكرنا معنى الربط على القلب في سورة الأنفال (¬2).
وقوله تعالى: {إِذْ قَامُوا} قال عطاء ومقاتل: (يعني من النوم) (¬3). وهذا يتعدّى من وجوه، أحدها: أن الله تعالى استأنف قصتهم بقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [الكهف: 13] الآية، فلأنه قال: {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وكانوا قد قالوا هذا قبل نومهم في الكهف، ولكن الوجه تفسير {قَامُوا}: (أنهم قاموا بين يدي ملكهم دقيانوس الجبار الذي كان يفتن أهل الإيمان عن دينهم، فربط الله على قلوبهم بالصبر واليقين حتى قالوا بين يديه: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية، وذلك أنه كان يدعو الناس إلى عبادة الأصنام، والذبح للطواغيت، فثبت الله هؤلاء الفتية وعصمهم، حتى عصوا ذلك الجبار وأقروا بربوبية الله -سبحانه وتعالى- ووحدانيته، وأنهم إن دعوا غيره وعبدوه كان ذلك شططا) (¬4).
وفي تفسير شبل عن مجاهد قال: (إنهم أبناء عظماء مدينتهم، فخرجوا فاجتمعوا وراء المدينة من غير ميعاد، فقال رجل منهم هو أسن القوم: إني لأجد في نفسي شيئًا ما أظن أن أحدًا يجده. قالوا: ما تجد؟
¬__________
(¬1) "جامع البيان" 15/ 257، و"النكت والعيون" 3/ 289، و"زاد المسير" 5/ 115، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 365.
(¬2) عند قوله سبحانه: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11].
(¬3) "البحر المحيط" 6/ 106، و"روح المعاني" 15/ 218، و"التفسير الكبير" 11/ 98 وقال: وهذا بعيد؛ لأن الله استأنف قصتهم بقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} [آية 13].
(¬4) هذا قول جمهور المفسرين. انظر: "جامع البيان" 15/ 207، و"معالم التنزيل" 5/ 156، و "الكشاف" 2/ 383، و"زاد المسير" 5/ 115، و"ابن كثير" 3/ 83 - 84.

الصفحة 545