كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

{وَمَا يَعْبُدُونَ} قال أبو إسحاق: ({مَا} نصب، المعنى: واعتزلتم ما يعبدون إلا الله، فإنكم لن تتركوا عبادته) (¬1)، وذلك أنهم كانوا يشركون بالله فقال: اعتزلتم الأصنام ولم تعتزلوا الله ولا عبادته، وهذا قول الفراء وهو: (أن {مَا} اسم وليس بنفي) (¬2).
وروى عطاء عن ابن عباس في قوله: {وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} قال: (يريد لم يعبد أصحاب الكهف إلا الله) (¬3). وهذا يحمل على أن الله أخبر عنهم أنهم لم يعبدوا غيره، وعلى هذا لا يكون هذا حكايته قولهم؛ والقول ما قاله الفراء، والزجاج، وأهل التفسير (¬4)، يدل على صحته ما روي أنه في مصحف عبد الله: (وما يعبدون من دون الله) (¬5). وهذا يقطع يكون "ما" اسماً.
وقوله تعالى: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} قال الفراء: (هذا جواب "إذ" كما تقول: إذ فعلت كذا فافعل كذا) (¬6)، ومعناه: صيروا إليه واجعلوه مأواكم.
{يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي: يبسطها عليكم، {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} قال ابن عباس: (يسهل عليكم ما خوفكم من الملك وظلمه،
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 272.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 136.
(¬3) ذكرت نحوه كتب التفسير بلا نسبة انظر: "المحرر الوجيز" 9/ 253، و"البحر المحيط" 6/ 106، و"روح المعاني" 15/ 220، و"فتح القدير" 3/ 273.
(¬4) "جامع البيان" 95/ 201، و"الكشاف" 2/ 382، و"زاد المسير" 5/ 116، و"معاني القرآن" للفراء 2/ 136، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 272.
(¬5) "جامع البيان" 15/ 209، و"معالم التنزيل" 5/ 156، و"المحرر الوجيز" 9/ 253، و"زاد المسير" 5/ 81، و "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 367.
(¬6) "معاني القرآن" للفراء 2/ 136.

الصفحة 548