قال الفراء: (وأكثر العرب على كسر الميم، من الأصل ومن مِرْفَق الإنسان، والعرب أيضًا تفتح الميم فيهما، فهما لغتان في هزا وفي هذا) (¬1). وكأن الذين فتحوا الميم أرادوا أن يفرقوا بين المَرْفَق من الإنسان، وقال يونس: (الذي أختار المَرْفَق في الأمر، والمِرْفَق في اليد) (¬2).
وقال الأصمعي: (لا أعرف إلا الكسر فيهما) (¬3)؛ يعني كسر الميم في الأمر واليد، وذكر قطرب اللغتين جميعًا فيهما (¬4).
17 - قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ} الآية، التاء في قوله: {وَتَرَى} لمخاطب، أي: ترى أنت أيها المخاطب الشمس عند طلوعها تميل عن كهفهم، وليس أن من خوطب بهذا يرى ذلك، ولكن العادة في المخاطبة تكون على هذا النحو، ومعناه: أنك لو رأيته على هذه الصورة (¬5).
ومعنى {تَزَاوَرُ} قال ابن عباس: تتنحى (¬6). وقال في رواية الوالبي: (تميل عنهم) (¬7). ومعنى التَّزَاور: التمايل من الزَّوْر والأزور، فإن قيل: التَّزاور إنما يستعمل في زيارة بعض الناس بعضا، فكيف يحسن استعمال
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 136.
(¬2) "تهذيب اللغة" (رفق) 2/ 1444.
(¬3) "معاني القرآن" للزحاج 3/ 272، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 268.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 273.
(¬5) "زاد المسير" 5/ 117، و"القرطبي" 10/ 368، و"التفسير الكبير" 11/ 99.
(¬6) ذكرته كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "القرطبي" 10/ 368، و"إرشاد العقل السليم" 5/ 211، و"روح المعاني" 15/ 222.
(¬7) "جامع البيان" 15/ 210، و"الدر المنثور" 4/ 391 وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم.