كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وقال المفسرون: (أعلم الله تعالى أنه ثواهم في مَقنَاة (¬1) من الكهف مستقبلاً بنات نعش، تميل عنهم الشمس طالعة وغاربة، لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها، وتغير أوانهم، وتبلي ثيابهم) (¬2).
وقال أبو علي الفارسي: (إذا مالت الشمس عنهم إذا طلعت، وتجاوزتهم إذا غربت، دلَّ أن الشمس لا تصيبهم ألبتة، أو في أكثر الأمر، فتكون صورهم محفوظة) (¬3).
هذا الذي ذكرنا قول المفسرين قالوا في سبب ميل الشمس عنهم: (إنهم كانوا في مَقْنَاة) (¬4). وقال أبو إسحاق: (هذا التفسير ليس ببين، إنما جعل الله فيهم هذه الآية أن الشمس لا تقربهم في مطلعها ولا عند غروبها) (¬5)، ودل عليه قوله: {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} يعني: أن الله تعالى بقدرته (¬6) حبس عنهم ضوء الشمس وحرها عند طلوعها وغروبها، فلا تنالهم طالعة ولا غاربة، لا بكونهم في مكان لا تصيبه الشمس، ولكن
¬__________
(¬1) المَقْنُوَةُ، خفيفة، من الظل: حيث لا تصيبه الشمس في الشتاء. قال أبو عمر: مَقْنَاةٌ ومَقْنُوة بغير همز. وقال ابن السكيت: المَقْنَأَة: المكان الذي لا تصيبه الشمس. انظر: "تهذيب اللغة" (قنا) 3/ 3050، و"لسان العرب" (قنأ) 6/ 3746.
(¬2) "الكشف والبيان" 3/ 388 أ، و"بحر العلوم" 2/ 293، و"النكت والعيون" 3/ 290، و"معالم التنزيل" 5/ 117، و"المحرر الوجيز" 9/ 255.
(¬3) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 134.
(¬4) "معالم التنزيل" 5/ 157، و"المحرر الوجيز" 9/ 255، و"البحر المحيط" 6/ 108، و"أضواء البيان" 4/ 435.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 273.
(¬6) قوله: (بقدرته)، ساقط من نسخة (س).

الصفحة 554