بينا (¬1)؛ وأما ما روي عن سعيد بن جبير أنه فسر الوصيد: (الصعيد، والتراب) (¬2)؛ فإنه أراد الفناء، ولكنه عبر بالصعيد.
وقوله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ}، أي: أشرفت عليهم، يقال: أطلعت فلانًا على الشيء فاطلع هو، قال الله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ} [الصافات: 55].
{لوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا}، أي: لأدبرت وانقلبت منهم فرارًا. قال الزجاج: (منصوب على المصدر؛ لأن معنى وليت منهم: فررت منهم) (¬3). {وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} أي: فزعًا وخوفًا، قال المفسرون: (هو أن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد) (¬4).
وقال أبو إسحاق: (قيل في التفسير: إنهم طالت شعورهم جدًا، وأظفارهم، فلذلك كان الرائي لو رآهم لهرب مرعوبًا) (¬5).
¬__________
(¬1) قال الطبري في "تفسيره" 15/ 215: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال الوصيد: الباب أو فناء الباب، حيث يغلق الباب، وذلك أن الباب يوصد، وإيصاده إطباقه وإغلاقه من قول الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 8]. وانظر: "أضواء البيان" 4/ 41.
(¬2) "جامع البيان" 15/ 214، و"المحرر الوجيز" 9/ 263، و"زاد المسير" 5/ 119، و"الدر المنثور" 4/ 392.
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 275.
(¬4) "جامع البيان" 15/ 215، و"النكت والعيون" 3/ 293، و"معالم التنزيل" 5/ 159، و"المحرر الوجيز" 9/ 264.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 275. وهذا قول بعيد، ولو كانت حالهم هكذ لم يقولوا {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19]، وإذا الصحيح -والله أعلم- في آمرهم أن الله -عز وجل- حفظ لهم الحالة التى ناموا عليها لتكون لهم ولغيرهم آية. قال الشوكاني في "تفسيره" 3/ 393: ويدفعه قوله تعالى: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} =