كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

{لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} قال أبو إسحاق: (هذا يدل على أنه لما ظهر أمرهم غلب المؤمنون بالبعث والنشور؛ لأن المساجد للمؤمنين) (¬1). ومعنى: {عَلَيْهِمْ} هاهنا وفي قوله: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} أنهم يجعلون وراء ذلك، كما يقال: بني عليه جدارًا، إذا حوطه وجعله وراء الجدار، وقد ذكر في قصتهم: (أن الملك جعل على باب الكهف مسجدًا يصلى فيه، وجعل عنده عيدًا عظيمًا، وأمر أن يؤتى كل سنة) (¬2). وقد نسقت شرح هذه الآية على ما أمكن، والآية مشكلة الظاهر والنظم، والله أعلم بما أراد.

22 - قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} الآية. قال المفسرون: (إن نصارى نجران (¬3) كانوا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجرى ذكر أصحاب الكهف، فقالت اليعقوبية (¬4) منهم: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وقالت النسطورية (¬5): كانوا خمسة
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 277.
(¬2) ذكر نحوه البغوي في "معالم التنزيل" بلا نسبة 5/ 161، والسيوطي في "الدر المنثور" 4/ 392 وعزاه لابن أبي حاتم.
(¬3) نَجْرَان: بفتح النون وإسكان الجيم: بين مكة واليمن، قيل: أول من عمرها نجران بن زيدان بن سبأ بن قحطان، وكان أهلها يدينون بالنصرانية، حتى فتحت سنة عشر صلحًا، وهي الآن مدينة من مدن المملكة العربية السعودية. انظر: "معجم البلدان" 5/ 266، و"معجم ما استعجم" (1298)، و"تهذيب الأسماء واللغات" 3/ 176.
(¬4) اليعقوبية: فرقة من النصارى، منسوبون إلى يعقوب البرذعاني وكان راهبًا بالقسطنطينية، قالوا: إن المسيح هو الله نفسه -تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا- وإنه تعالى مات، وإن العالم بقي ثلاثة أيام بلا مدبر، ثم قام ورجع كما كان، وإنه عاد محدثًا وأن المحدث عاد قديمًا. انظر: "الملل والنحل" ص 226 - 227، و"الفصل في الملل والأهواء والنحل" 1/ 49.
(¬5) النسطورية: فرقة من فرق النصارى، منسوبون إلى نسطور، وكان بالقسطنطينة، قالوا: إن مريم لم تلد الإله، وإنما ولدت الإنسان، وإن الله تعالى لم يلد الإنسان =

الصفحة 574