وقوله تعالى: {وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ}، أي: في أصحاب الكهف {مِنْهُمْ}، أي: من اليهود وأهل الكتاب. قال الفراء: (هم فريقان أتوه من أهل نجران: يعقوبي ونسطوري، فسألهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عددهم فَنُهي) (¬1). قال أصحابنا: (وهذا دليل على منع المسلمين من استفتاء اليهود والنصارى) (¬2).
23 - قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} ذكرنا قبل هذا سبب نزول هذه الآية (¬3). قال المفسرون: (هذا تأديب من الله تعالى لنبيه -عليه السلام-، وأمر له بالاستثناء فيما يعزم بمشيئة الله، إذا قلت لشيء: إني فاعله غدًا، فقل: إن شاء الله) (¬4). قال الفراء في قوله: (إِلَّا أَن يَشَاء اللهُ}: إلا أن يريد الله) (¬5).
قال أبو إسحاق: (موضع {أَن} نصب، المعنى: لا تقولن إني أفعل إلا بمشيئة الله) (¬6). جعل أبو إسحاق {أَن} مع الفعل مصدرًا وأضمر الباء.
وقال الأخفش: (أي: إلا أن يقول: إن شاء الله. فأجزأ من ذلك
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للفراء 2/ 138.
(¬2) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 384.
(¬3) عند قوله سبحانه في سورة الإسراء (85) {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية. وعند قوله سبحانه في سورة الكهف (9) {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}.
(¬4) "جامع البيان" 15/ 228، و"معالم التنزيل" 5/ 162، و"المحرر الوجيز" 9/ 277، و"تفسير القرآن العظيم" 3/ 88.
(¬5) "معاني القرآن" للفراء 2/ 138.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 278.