هذا الذي ذكرنا تفسير الآية (¬1)، فأما إعرابها فقال ابن عباس في رواية عطاء: (نزل قوله: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ} فلم يدرِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسنين، أم أشهر، أم أيام، أم ساعات، حتى نزل جبريل فقال: {سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} (¬2)؛ ونحو هذا قال الضحاك، ومقاتل (¬3). وعلى هذا أجاز ابن مجاهد الوقف على ثلاثمائة، لفصل ما بينهما في النزول (¬4). والاختيار ترك الوقف؛ لأن سنين وإن نزل بعد ثلاثمائة فقد التحق به في قول جميع النحويين، وصار التقدير: سنين ثلاثمائة. قاله الفراء، والزجاج، وأبو عبيدة، والكسائي. وعلى هذا {سِنِينَ} في موضع نصب بالفعل (¬5). قال أبو إسحاق: (ويجوز في تقدير العربية أن يكون سنين معطوفًا على ثلاث، عطف البيان والتوكيد) (¬6). وقال أبو علي: {سِنِينَ} بدل من قوله: {ثَلَاثَ
¬__________
(¬1) قال الطبري -رحمه الله- في "تفسيره" 15/ 231: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال كما قال الله عز ذكره، ولبث أصحاب الكهف في كهفهم رقودًا إلى أن بعثهم الله ليتساءلوا بينهم وإلى أن أعثر عليهم من أعثر ثلاثمائة سنين، وذلك لأن الله بذلك أخبر في كتابه. وقال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" 3/ 89: والظاهر من الآية إنما هو أخبار من الله لا حكاية عنهم، ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة، ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور فلا يحتج بها، والله أعلم. وانظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية 9/ 283.
(¬2) ذكرت كتب التفسير نحوه. انظر: "جامع البيان" 15/ 231، و"الكشف والبيان" 3/ 389 أ، و"معالم التنزيل" 5/ 165، و"زاد المسير" 5/ 130، و"لباب النقول في أسباب النزول" 144، و"جامع النقول في أسباب النزول" 2/ 209.
(¬3) "الكشف والبيان" 3/ 389 أ.
(¬4) ذكر نحوه بلا نسبة "المكتفى في الوقت والابتداء" 368.
(¬5) "معاني القرآن" للفراء 2/ 138، و"إعراب القرآن" للنحاس 2/ 272، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 278.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 278.