فعوتب بهذه الآية، وأمر بأن يجعل إقباله على المؤمنين، وأن لا يلتفت إلى غيرهم، ونهي أن يكون له حال يميل فيها إلى الأشراف دون الضعفاء، ومثل هذه الآية قوله: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى} [عبس: 5، 6].
وقوله تعالى: {لَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} قال ابن عباس: (يريد عيينة وأباهه) (¬1)، أي: لا تطعهم في تنحية الفقراء عنك ليجلسوا إليك.
وسئل أبو العباس عن قوله: {لَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} فقال: (من جعلناه غافلاً. قال: ويكون في الكلام أغفلته سميته غافلاً، ووجدته غافلاً) (¬2)، وتأويل {أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} تركناه غُفْلا عن الذكر، كالأرض الغُفْل التي لا علامة بها، والكتاب الغُفْل الذي لا شكل عليه.
وقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} قال مجاهد: (ضياعا) (¬3). وقال قتادة: (ضاع أكبر الضيعة) (¬4). وقال السدي: (هلاكا) (¬5).
وقال أبو الهيثم: (أمر فرط، أي: متهاون به) (¬6). وشبه أن يكون أصل هذا من التفريط، وهو تقديم العجز، وهذا بمعنى قول أبي إسحاق (¬7). ومن قدم العجز في أمره أضاعه وأهلكه، ومعنى هذا أنه ترك الإيمان
¬__________
(¬1) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" 5/ 166 بدون نسبة، و"زاد المسير" 5/ 133، و"الجامع لأحكام القرآن" 10/ 392.
(¬2) "تهذيب اللغة" (غفل) 3/ 2681.
(¬3) "جامع البيان" 15/ 236، و"معالم التنزيل" 5/ 167، و"زاد المسير" 5/ 133، و"الدر المنثور" 4/ 399.
(¬4) "معالم التنزيل" 5/ 167.
(¬5) "جامع البيان" 15/ 236، و"بحر العلوم" 2/ 297.
(¬6) "تهذيب اللغة" (فرط) 3/ 2773.
(¬7) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 281.