الذي هو للتهديد، كما قال الزجاج: (هذا الكلام ليس بأمر لهم ما فعلوا منه فهم فيه مطيعون، ولكنه كلام وعيد وإنذار، قد بين بعده ما لكل فريق من مؤمن وكافر) (¬1). هذا الذي ذكرنا قول أكثر أهل التفسير (¬2).
وروى الوالبي عن ابن عباس والضحاك في هذه الآية يقول: (من يشاء الله له الإيمان آمن، ومن شاء الله له الكفر كفر) (¬3). وهو كقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29]، فعلى هذا القول قوله: {فَمَن شَآءَ}، أي: من شاء الله، فالمشيئة مسندة إلى الله.
وقوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا} أي: هيأنا وأعددنا. ومضى الكلام في معنى الإعتاد (¬4). {لِلظَّالِمِينَ} الذين عبدوا غير الله تعالى (¬5).
{نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} معنى السرادق في اللغة: كل ما أحاط
¬__________
= تيمية في "العقيدة الواسطية" 45: وأهل السنة وسط بين الجبرية والقدرية لأن الجبرية يثبتون قضاء الله في أفعال العبد ويقولون: إنه مجبر لا قدرة له ولا اختيار، والقدرية ينكرون قضاء الله في أفعال العباد ويقولون: إن العبد قادر مختار لا يتعلق فعله بقضاء الله. وأهل السنة يثبتون قضاء الله في أفعال العبد ويقولون: إن له قدرة واختيارًا أودعهما الله فيه متعلقتين بقضاء الله، فيثبتون للعبد مشيئة واستطاعة وهي القدرة إلا أنهما تابعان لمشيئة الله تعالى.
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 281.
(¬2) "جامع البيان" 15/ 237، و"معالم التنزيل" 5/ 167، و "المحرر الوجيز" 9/ 294.
(¬3) "جامع البيان" 15/ 238، و"معالم التنزيل" 5/ 167، و"الدر المنثور" 4/ 399.
(¬4) عند قوله سبحانه في سورة النساء: 18: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
(¬5) ويشهد لهذا قوله تعالى في سورة لقمان (13): {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.