أن يكون رسوله بشرًا، فهلا بعث إلينا ملكًا (¬1)، فقال الله: {وَمَا أَرْسَلْنَا} أي إلى الأمم الماضية، {إِلَّا رِجَالًا}: آدميين لا ملائكة، أعلمَ اللهُ أن الرسلَ بشر، إلا أنهم يُوحَى إليهم، فقال: {إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ}، نظير هذه الآية في أواخر سورة يوسف (¬2).
وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} فقال ابن عباس: يريد أهل التوراة الذين آمنوا من قريظة والنضير (¬3)، قال: والذكر التوراة (¬4)، وتلا قوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء:
¬__________
(¬1) أخرجه الطبري 14/ 109، بنحوه عن ابن عباس، من طريق الضحاك مقطعة، وورد بنحوه في "تفسير مقاتل" 1/ 203 أ، والسمرقندي 2/ 236، والثعلبي 2/ 157أ، بنصه، وانظر: البغوي 5/ 20، وابن عطية 4/ 423، وابن الجوزي 4/ 449، والفخر الرازي 20/ 35، و"تفسير القرطبي" 10/ 108، والخازن 3/ 116، وأبي حيان 5/ 493، وابن كثير 2/ 628، أورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 222، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(¬2) وهي قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [آية: 109].
(¬3) هما قبيلتان من قبائل اليهود التي سكنت المدينة وخيبر، وكانوا ثلاث قبائل؛ الثالثة هي بنو قينقاع، وقد أجلاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المدينة لما خانوا عهده وتآمروا عليه، وآذوا المسلمين. انظر: "سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-" لابن هشام 1/ 16، 2/ 442، و"الروض الأنف" 2/ 289، و"زاد المعاد" 3/ 65، و"البداية والنهاية" 4/ 3، 74، 116.
(¬4) أخرجه الطبري 14/ 109، وهو جزء من رواية الضحاك عن ابن عباس السابقة؛ وفيها: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}: يعني أهل الكتب الماضية، وورد بنحوه مختصرًا في "تفسير الماوردي" 3/ 189، والطوسىِ 6/ 384، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 423، وابن الجوزي 4/ 449، والفخر الرازي 20/ 36، وأبي حيان 5/ 493، وابن كثير 2/ 628، والقول في كل المصادر ورد مطلقًا دون تقيده بمن آمن من بني قريظة أو النضير.