كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وقوله تعالى: {مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ} قال الكلبي: عملوا السيئات، يعني عبادة غير الله (¬1)، وكذلك قال قتادة: يعني الشرك (¬2)، وعلى هذا سمي عبادتهم الأوثانَ مكرًا, لأن المكر في أصل اللغة: السعي بالفساد (¬3)، وذكرنا هذا فيما تقدم (¬4)، وعبادة غير الله من أفسد السعي.
وقوله تعالى: {أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} قال ابن عباس: كما خَسف بقارون (¬5)، ومعنى الخسف في اللغة: سُؤُوخُ الأرضِ بما عليها (¬6)، قال أبو زيد والأصمعي: خَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ، وخَسَفَهُ الله (¬7). ومعنى الاستفهام في قوله: {أَفَأَمِنَ} الإنكار؛ أي: يجب أن لا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين من قبلهم.
وقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} قال الكلبي: من حيث لا يعلمون بهلاكهم (¬8)، قال ابن عباس: يريد يوم بدر وما كانوا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 38، وورد غير منسوب في "تفسير هود الهواري" 2/ 372.
(¬2) أخرجه الطبري 14/ 112 بلفظه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 223، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(¬3) والمشهور عند أهل اللغة أن أصل المكر: الاحتيال والخداع، ويكون عادة في خُفْيَة، فكأن الواحدي رحمه الله فسرها باللازم؛ انظر: (مكر) في "تهذيب اللغة" 3434، و"المحيط في اللغة" 6/ 263، و"مجمل اللغة" 2/ 838، و"الصحاح" 2/ 819.
(¬4) في تفسير الآية [26] من هذه السورة.
(¬5) انظر: "تفسير القرطبي" 10/ 109، والخازن 3/ 117، وأبي حيان 5/ 495، وفي الأخيرين بلا نسبة.
(¬6) ورد في "تهذيب اللغة" (خسف) 1/ 1029، بنصه، وهو قول الليث. وانظر: (خسف) في "المحيط في اللغة" 4/ 267، و"اللسان" 2/ 1157.
(¬7) المصدر السابق نفسه.
(¬8) ورد بنص غير منسوب في "تفسير السمرقندي" 2/ 237.

الصفحة 68