كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وقال جماعة من المفسرين: {أَمْرُ اللَّهِ} هاهنا الساعة (¬1)؛ وذلك أن المكذبين بها استعجلوها، فقل لهم: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}. قال أبو إسحاق: استبطاؤا (¬2) أمْرَ الله، فأعلم اللهُ أن ذلك عنده في القرب بمنزلة ما قد أتى، كما قال: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]، وكما قال: {ومَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} (¬3) [النحل: 77]؛ وعلى هذا، إنما قال لِمَا لَم يأت بعد أتى؛ لأنه آت لا محالة، والعربُ إذا ذكرت شيئًا قَرُبَ وقوعه أخرجته مخرج الواجب، كقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّار} [الأعراف: 44]، وقد مر.
وقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ} هو قال ابن عباس: نَزَّه نفسه (¬4)، وقال الزجاج: تنزيه له وبراءة من السوء (¬5)، {وَتَعَالَى} أي: ارتفع وتعاظم بأعلى صفات المدح عن أن يكون له شريك، و (ما) في قوله: {عَمَّا} يجوز أن تكون (ما) المصدر، والتقدير: عن إشراكهم، والمعنى عن إشراكهم به غيره، فحُذف للعلم، ويجوز أن تكون بمعنى الذي؛ أي:
¬__________
(¬1) ورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 227، بنحوه، والثعلبي 2/ 153 ب، بلفظه، و"تفسير الماوردي" 3/ 178، عن الكلبي، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 7، عن الكلبي وغيره، وابن عطية 8/ 365، و"تفسير القرطبي" 10/ 66، والخازن 3/ 105، وأبي حيان 5/ 472، وقال: هو قول الجمهور.
(¬2) في (أ)، (د): (استبطلوا)، والمثبت من (ش)، وهو موافق للمصدر.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 189، بنصه تقريباً.
(¬4) انظر: "تنوير المقباس" ص 282، وورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" 1/ 200 أ، وهود الهواري 2/ 359، والسمرقندي 2/ 228، والفخر الرازي 19/ 218.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 190، بنحوه.

الصفحة 8