كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

فثبتَ اللهُ ما آتاك من حَسَنٍ ... وحيثُ ما يقض أمرًا صالحًا يكن (¬1)
وقال آخر:
عُمْرًا حَييت ومَن يشناك من أحد ... يَلْق الهوان ويلق الذُلَّ والغِيَرا (¬2)
فدلّ مجيء (من) على أنه لم يرد أن يكون ما جاء من النكرات حالاً للأسماء التي قبلها، ودلَّ على أنه مُترجِم على معنى (مَن) و (مَا)، ومثل هذا قوله: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْء} [سبأ: 39]؛ لأن الشيء لا يكون حالاً، ولكنه مترجم، فأمَّا قولهم: لله دَرُّه رجلاً (¬3)، فالرجلُ مترجِم لما قبله وتفسير وليس بحال، إنّما الحال الذي ينتقل؛ مثل القيام والقعود، وجاز سقوط (مِنْ) في هذا الموضع (¬4)؛ لأن الذي قبله مؤقت، فجاز أن يُذكرَ بطرح (مِن) كالحال (¬5)، وقال الأخفش في قوله: {مِنْ دَابَّةٍ} يريد: (من الدواب، واجتزأ بالواحد؛ كما تقول: ما أتاني من رجل مثله (¬6)، وقال ابن عباس في قوله: {مِنْ دَابَّةٍ}) (¬7):
¬__________
(¬1) ورد غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء 2/ 103 بخلاف في رواية الصدر:
حاز لك الله ما آتاك من حَسَنٍ
(¬2) ورد غير منسوب في "معاني القرآن" للفراء 2/ 103.
(¬3) ورد في "جمهرة الأمثال" 2/ 210، وانظر: "مجمع الأمثال" 2/ 190، و"اللسان" (عجب) 5/ 2812، (درر) 3/ 1356، وورد برواية: (لله درُّك)، والأصل فيه أن الرجل إذا كَثُر خيرُه وعطاؤهُ قيل له ذلك، إشادةً وتعجبًا، ثم قيل لكل مُتَعَجبٌ منه.
(¬4) أي في المثل؛ لأن أصله أن يقال: لله درُّه من رجل.
(¬5) "معاني القرآن" للفراء 2/ 103 - 104، نقل طويل تصرف فيه بالتقديم والتأخير، والاختصار والتهذيب، والتمثيل والتوضح.
(¬6) أي: ما أتاني من الرجال مثله، فأفاد الإفراد معنى الجمع. "معاني القرآن" للأخفش 2/ 606، بنصه.
(¬7) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).

الصفحة 80