كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وصب الشىء يصب وصوبًا إذا دام (¬1)، قال الله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: 9] ويقال: واظَبَ على الشيء وواصَبَ عليه إذا داوم (¬2)، قال أبو إسحاق: أي طاعته واجبة أبدًا (¬3)، وقال عبد الله بن مسلم (¬4): ليس من أحد يُدان له ويطاوع إلا انقطع ذلك عنه بزوال أو هلكة، غير الله عز وجل؛ فإن الطاعة تدوم له (¬5)، ثم قال: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ}، أي: أفغير الله الذي قد أبان لكم أنه واحدٌ، وأنه خالق كل شيء، وأمر أن لا يُتخذ معه إلَهٌ، تتقون.

53 - قوله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} قال ابن عباس: يريد من نعمة الإسلام وصحة الأبدان (¬6)، أي ما أعطاكم الله من صحة في جسم أو سعة في رزق أو متاع بمال وولد، فكل ذلك من الله، ودخلت الفاء في قوله: {فَمِنَ اللَّهِ}؛ لأن الباء في: {بِكُمْ} متصلة بفعل مضمر، المعنى: ما يكن بكم أو ما حل بكم من نعمة فمن الله (¬7)، وقد شرحنا هذه المسألة في
¬__________
(¬1) ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 72، بنصه، وانظر: (وصب) في "جمهرة اللغة" 1/ 351، و"المحيط في اللغة" 8/ 202، و"الصحاح" 1/ 233، و"اللسان" 8/ 4848، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 49، بنصه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 225، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(¬2) ورد في "تهذيب اللغة" (وصب) 4/ 3900، بنصه تقريبًا، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 20/ 49.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 203، بنصه.
(¬4) هو ابن قتيبة (ت 276 هـ).
(¬5) "الغريب" لابن قتيبة 1/ 245، بنصه.
(¬6) انظر: "تفسير الخازن" 3/ 119، بنصه غير منسوب.
(¬7) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 204 , بنحوه، و"تفسير الطبري" 14/ 120 - 121، بنحوه، وانظر: "تفسير الرازي" 20/ 51, و"الإملاء" 2/ 82، و"الفريد في إعراب القرآن" 3/ 232.

الصفحة 85