وكنانة (¬1) زعموا أن الملائكة بنات الله (¬2)، ثم نَزَّه نفسه فقال: {سُبْحَانَهُ} أي تنزيهًا عما زعموا.
وقوله تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} أجاز الفراء في (ما) وجهين؛ أحدهما: أن يكون في محل النصب على معنى: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، والثاني: أن يكون رفعًا على الابتداء؛ كأنه تم الكلام عند قوله: {سُبْحَانَهُ}، ثم ابتدأ فقال: {وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} يعني البنين، وهذا كقوله: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} (¬3) [الطور: 39] , ثم اختار الوجه الثاني فقال: لو كان نصبًا لقال: ولأنفسهم ما يشتهون؛ لأنك تقول: جعلتَ لنفسِك كذا وكذا, ولا تقول: جَعلتَ لك (¬4)، و (¬5) الزجاج أجاز (¬6) الوجه الأول (¬7) وقال: (ما) في موضع رفع لا غير، المعنى: ولهم الشيء الذي يشتهونه،
¬__________
(¬1) كنانة: قبيلة عظيمة من العدنانية، وهم بنو كنانة بن خُزيمة بن مُدْرِكة بن إلياس، كانت ديارهم بجهات مكة، وُلِد له: النَّضر، ومَلْك، وملِكان، وعبد مناة، وترجع جميع أنساب كنانة إلى هؤلاء، ويرجع نسب قريش إلى النَّضر بن كنانة، ومنه يتفرع نسب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-. انظر: "جمهرة أنساب العرب" ص 11، و"نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب" ص 336، و"معجم قبائل العرب" 3/ 996.
(¬2) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 158أبنصه، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 24، والزمخشري 2/ 332، وابن الجوزي 4/ 458، والفخر الرازي 20/ 54، و"تفسير القرطبي" 10/ 116، و"تفسير البيضاوي" 3/ 184، والخازن 3/ 120، وأبي حيان 5/ 503.
(¬3) حيث تم الكلام على الآية السابقة [38]، وهي: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}، تم ابتدأ بهذه الآية.
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 2/ 105، بتصرف.
(¬5) ورد في جميع النسخ: (وابن الزجاج)، وهو خطأ، والصواب ما أثبته.
(¬6) في جميع النسخ: (أجازه)، والصحيح المثبت.
(¬7) الصحيح أنه أجاز الوجه الثاني كذلك.