يريد أنهم لا يرتكبون ما يُدَنِّس الوجه، وعلى هذا المعنى وصفهم الرجلَ بالبياض في المدح لا على معنى بياض اللون ونصوعه، قال قتادة في هذه الآية: هذا صنيع مشركي العرب، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له (¬1).
وقوله تعالى: {وَهُوَ كَظِيمٌ} أي ممتلئ غمًّا (¬2)، وفسرنا هذا الحرف في سورة يوسف [84].
59 - قوله تعالى: {يَتَوَارَى}، أي: يختفي ويتغيب، وقد ذكرنا هذا الحرف وتفسيره في قوله: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} [الأعراف: 20].
وقوله تعالى: {مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} قال المفسرون: كان الرجل في الجاهلية إذا ضرب امرأتَه المخاضُ توارى إلى أن يعلم ما يُولدُ له، فإن كان ذكرًا سُرَّ به وابتهج، وإن كانت أُنثى اكتأب لها وحزن ولم يظهر للناس أيامًا، يُدبِّر كيف يصنع في أمرها (¬3)، وهو قوله: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} أي أيحبسه، والإمساك هاهنا بمعنى الحبس، كقوله: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37]، والكناية تعود على ما في قوله: {مَا بُشِّرَ بِهِ}، والهُون:
¬__________
= وأسفر: أشرق، ومنه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}: أي مشرقة، ومَسَافرُ الوجه: ما يظهر منه، (المشاهد) الوقائع والحروب، (غرَّان) جمع أغرّ، ورجلٌ أغرُّ الوجه إذا كان أبيض الوجه.
(¬1) أخرجه الطبري 14/ 123 بنصه، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 226، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(¬2) ورد في "تفسير الثعلبي" 2/ 158 أ، بنصه.
(¬3) ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 75، بنحوه، وانظر: "تفسير ابن عطية" 8/ 446، وابن الجوزي 4/ 458، والفخر الرازي 20/ 55، والخازن 3/ 120، وأبي حيان 5/ 504.