فقال: لا يدري أيدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها (¬1).
وقوله تعالى: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} أي يخفيه، والدس: إخفاء الشيء (¬2)، وهذا على ما كانوا يفعلونه من الوأد في الجاهلية، والجملة التي وقع عليها الاستفهام من الإمساك أو (¬3) الوأد متعلقة بمحذوف يدل عليه القَسَم في الاستفهام، على تقدير {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ} مقدرًا: أيمسكه أم يدسه، أو مفكرًا أو مدبرًا، أي يُقَلِّبُ رأيه في أحد الأمرين.
وقال صاحب النظم: قوله: {أَيُمْسِكُهُ} متصل في النظم بقوله: {وَهُوَ كَظِيمٌ}، والكظيم بمعنى الكاظم، ومعنى الكظم: ستر الشيء في القلب وترك إظهاره (¬4)، ومنه: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134]، والتأويل: وهو كاظم، {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}، أي: أن هذا المعنى في قلبه من شدة الغَمّ وهو يكظمه ولا يظهره.
وقوله تعالى: {أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} قال ابن عباس والمفسرون: بئس ما حكموا أن جعلوا لمن يعرفون بأنه خالقهم البنات؛ اللاتي محلهن منهم
¬__________
(¬1) "معانى القرآن" للفراء 2/ 107، بنصه.
(¬2) انظر: (دس) في "تهذيب اللغة" 2/ 1183، و"المحيط في اللغة" 12/ 235، و"الأساس" 1/ 271، و"عمدة الألفاظ" 2/ 8.
(¬3) في جميع النسخ: (و)، وما أثبته هو الصواب، والظاهر أن الألف سقطت أو تصحفت.
(¬4) أصل الكَظْم: اجتراعُ الغَيْظ، والكَظَمُ: مخرجُ النفس، يقال: أخذ بكَظَمِه، والكُظُومُ: السكوت، والكُظومُ: إمساكُ البعيرِ عن الجِرَّةِ. انظر: (كظم) في "العين" 5/ 345، و"تهذيب اللغة" 4/ 3151، و"المحيط في اللغة" 6/ 233، و"مجمل اللغة" 2/ 786، و"عمدة الحفاظ" 3/ 469.