كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 13)

وقال قوم: المثلُ السَّوء: الصفةُ السَّوء؛ من احتياجهم إلى الولد وكراهيتهم الإناث خوفَ العَيلة والعَار (¬1)، {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}: الصفة العليا من تنزهه وبراءته عن الولد، وهذا قول صحيح، والمَثْلُ يَردُ (¬2) كثيرًا بمعنى الصفة, وقد بَيَّنا ذلك مستقصي في قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} في سورة الرعد [آية: 35] وإن أنكر ذلك بعض المتأخرين (¬3)، فقد رُوي عن المقدمين من أئمة اللغة المثل بمعنى الصفة (¬4).
وقال ابن كيسان: {مَثَلُ السَّوْءِ}: ما ضَرب اللهُ للأصنام وعبدتها من الأمثال (¬5)؛ مِثلُ قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ} الآية. [العنكبوت: 41]. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} الآية [الحج: 73]، ولله المثل الأعلى نحو قوله: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} الآية [النور: 35].
¬__________
(¬1) ورد في "نفسير الثعلبي" 2/ 158 أ، بنصه تقريبًا، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 25، وابن الجوزي 4/ 459، والفخر الرازي 20/ 56، و"البيضاوي" 1/ 278.
(¬2) في: (أ)، (د): (يريد)، والمثبت من (ش)، (ع)، وهو الصحيح.
(¬3) يقصد محمد بن يزيد المبّرد (ت 285 هـ) فقد قال عند قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} [الرعد: 35]: فمن قال: إنما معناه: صفة الجنة فقد أخطأ؛ لأن (مَثَل) لا يوضع في موضح صفة، وإنما المثل مأخوذ من المثال والحذو، والصفة تحلية ونعْت. انظر: "المقتضب" 3/ 225.
(¬4) كيونس بن حبيب (ت 182 هـ)، و"الفراء" ت 207، ومحمد بن سلّام الجمحي (ت 231 هـ)، وإليه ذهب ابن جرير عند آية الرعد [35]،، ومال إليه الأزهري ونصره. انظر: "معاني القرآن" للفراء 2/ 65، و"تفسير الطبري" 13/ 162، و"تهذيب اللغة" (مثل) 4/ 3341.
(¬5) لم أقف عليه.

الصفحة 97