كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي} الآية، قال ابن عباس: (يريد إن كان البعث حقًا) (¬1) {لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} يريد: كما أعطاني هذا في الدنيا سيعطيني في الآخرة أفضل منه لكرامتي عليه (¬2).
وقال أهل المعاني: (هذا يدل على أن صاحبه المؤمن قد أعلمه أن الساعة تقوم، وأنه يبعث، فأجابه بأن قاله له: إن كان الأمر على ما أعلمتني أني أبعث، ليعطيني في الآخرة خيرًا مما أعطاني في الدنيا؛ لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا وهو يريدني) (¬3).
وقال ابن زيد: (شك، ثم قال على شكه في الرجوع إلى ربه: ما أعطاني هذا إلا ولي عنده خير منه) (¬4). تهكما سولته له نفسه.
واختلفوا في قوله: {مِنْهَا} فقرؤا بالإفراد والتثنية (¬5). والإفراد أولى من حيث كان أقرب إلى الجنة المفردة في قوله: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ}، والتثنية لا تمتنع لتقدم ذكر الجنتين.

37 - فأجابه صاحبه مكفرًا له بهذا القول فقال: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ
¬__________
(¬1) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 404 بلا نسبة.
(¬2) وما تضمنته هذه الآية من جهل الكفار واغترارهم بالحياة الدنيا جاء مبينًا في آيات أخر ومنها في سورة فصلت الآية رقم (50): {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}.
(¬3) "معالم التنزيل" 5/ 172، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 286.
(¬4) "جامع البيان" 247/ 15.
(¬5) قرأ أبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (خيرًا منها) بالإفراد. وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر. (خيرًا منهما) بالتثنية. انظر: "السبعة" ص 390، "الحجة" 5/ 144، "المبسوط في القراءات" 234، "التبصرة" ص 248، "العنوان" ص 123.

الصفحة 16