كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

مِنْ تُرَابٍ} قال ابن عباس: (يريد أن آدم خلق من تراب) (¬1). ثم ولده من نطفة، وإذا كان أبوه من تراب فهو من تراب، ومعنى النطفة في اللغة: الماء، يقال: في القربة نطفة من ماء (¬2). ولا فعل للنطفة.
قال الأزهري: (والعرب تقول للماء القليل والكثير: نطفة) (¬3). وسمى الله عز وجل المني نطفة قال: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: 37].
وقوله تعالى: {ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} قال الكلبي: (جعلك معتد الخلق والقامة, صحيح اليدين، والرجلين، والعينين) (¬4). والتسوية: جعل الشيء على المقدار.
وقال الزجاج: (أي: ثم أكملك) (¬5). وهذا الجيد في تفسير سواك هاهنا, لأن العرب تقول للغلام إذا تم شبابه: قد استوى، ومنه قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14] أي: تم شبابه واجتمع، فالتسوية هاهنا: واقع الاستواء بالمعنى الذي ذكرنا، يقال: سواه الله رجلاً فاستوى.

38 - ثم أعلمه صاحبه أنه موحد لله فقال: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}
¬__________
(¬1) ذكره الطبري في "جامع البيان" 15/ 247 بدون نسبة، و"المحرر الوجيز" 9/ 311، "روح المعاني" 15/ 276. ويشهد لهذا قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59].
(¬2) انظر: "تهذيب اللغة" (نطف) 4/ 360، "مقاييس اللغة" (نطف) 5/ 440، "الصحاح" (نطف) 4/ 1434، "لسان العرب" (نطف) 7/ 4462.
(¬3) "تهذيب اللغة" (نطف) 4/ 3601.
(¬4) ذكرت نحوه كتب التفسير بلا نسبة. انظر: "إرشاد العقل السليم" 5/ 222، "البحر المحيط" 6/ 127، "روح البيان" 5/ 247، "فتح القدير" 3/ 409.
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 286.

الصفحة 17