كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

الأخرى ندما) (¬1).
وقال أبو عبيدة، والزجاج، والمفضل، وابن قتيبة: (يقال: فلان يقلب كفيه على ما فاته، وتقليب الكفين يفعله النادم كثيرًا، والعرب تقول للرجل إذا ندم على الشيء وجعل يفكر فيه: يقلب يديه وكفيه؛ لأن ذلك يكثر من فعله. فصار تقليب الكف عبارة عن الندم كعض اليد) (¬2). قال الشاعر (¬3):
كمغبون يعض على يديه ... يُقلب كفَّه بعد السباع
وقوله تعالى: {عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} يقال: أنفقت في هذه الدار، وفي هذا الثوب كذا وكذا، وأنفقت عليها أيضًا، فيجوز أن يكون هاهنا بمعنى: على، كقوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71].
وقوله تعالى: {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} ومضى الكلام في هذا مستقصى في سورة البقرة (¬4). والعروش في هذه الآية تعم سقوف الأبنية، وما عُرِش للكروم. يريد: أنها ساقطة على سقوفها خالية من عريشها (¬5). وقوله تعالى: {وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} تمنى منه حين لا ينفعه التمني. أخبر الله تعالى أنه سلبه ما أنعم عليه في الدنيا، فندم حين لم ينفعه الندامة، وتمنى أنه كان موحدًا غير مشرك.
¬__________
(¬1) "جامع البيان" 15/ 250، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 93، ونسباه لقتادة.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 289/ 3، "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 268، "تفسير المشكل من غريب القرآن" ص 144.
(¬3) لم أهتد إلى قائله.
(¬4) عند قوله سبحانه في سورة البقرة: 259: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} الآية.
(¬5) "معالم التنزيل" 5/ 173، "المحرر الوجيز" 9/ 316، "الكشاف" 2/ 391.

الصفحة 28