كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

قوله تعالى: {خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} قال ابن عباس: (يريد أفضل ثوابًا وأفضل أملاً من المال والبنين) (¬1). وهذا على عادة خطاب العرب تقول في الشيئين: هذا خير، وإن لم يكن في الثاني شيء يُخيَّر به. كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: 24]، ومعلوم أنه، لا خير في مستقر أهل النار، وإلى هذا المعنى أشار الفراء فقال في قوله: {وَخَيْرٌ أَمَلًا} الأمل للعمل الصالح خير من الأمل للعمل السيئ) (¬2).
وقال ابن قتيبة: ({وَخَيْرٌ أَمَلًا} مما يؤملون) (¬3). أي: هو خير أن يؤمل.

47 - قوله تعالى: {وَيَوْمَ} قال الزجاج: (هو منصوب على معنى واذكر، ثم قال: ويجوز أن يكون نصبه على معنى: خير يوم تسير الجبال، أي: خير في القيامة) (¬4). وهذا الوجه يحسن لو لم يكن في {وَيَوْمَ} الواو (¬5).
وقوله تعالى: {نُسَيِّرُ الْجِبَالَ} معنى التسيير: جعل الشيء يسير، وقال الكلبي: (تُسير الجبال عن وجه الأرض، كما تُسير السحاب في
¬__________
= على عمل دون آخر، ولا على ما كان يفعله فقراء المهاجرين باعتبار السبب؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وهذا اختيار كثير من المفسرين. انظر: "جامع البيان" 15/ 256، "الجامع لأحكام القرآن" 10/ 414، "أضواء البيان" 4/ 109.
(¬1) ذكره القرطبي 10/ 144 بدون نسبة، وكذلك "روح المعاني" 15/ 287.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 146.
(¬3) "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 268.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 292.
(¬5) "مشكل إعراب القرآن" 1/ 443, "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 279.

الصفحة 37