كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

عليها الذابحون. ومعنى القذف في اللغة: الرمي بالسهم والحصى والكلام وكل شيء، ويقال للسب: القذف؛ لأنه رمي بالقبيح من القول (¬1).
وقوله تعالى: {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} قال ابن عباس: (يريد النيل) (¬2)
قال الليث: ({الْيَمِّ}: البحر الذي لا يدرك قعره ولا شطاه) (¬3)
قال الأزهري: ({الْيَمِّ}: البحر، وهو معرب وأصله بالسريانية، فعربته العرب وأصله: يم، ويقع اسم اليم على ما كان ماؤه ملحًا زعاقًا، وعلى النهر الكبير العذب الماء كالذي في هذه الآية، وهو نهر النيل بمصر وماؤه عذب. قال الله تعالى: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} فجعل له ساحلاً، وهذا كله دليل على بطلان قول الليث في اليم) (¬4).
قال صاحب النظم: (اشترك في قوله: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ} الأمر والجزاء؛ لأنه جواب لقوله: {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} وهو أمر بالإلقاء، فصار كقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، فقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا} أمر وله جواب، وجوابه في قوله: (نحمل)، ودخول الواو واللام دلالة على استئناف أمر لنفسه، كما قال الشاعر (¬5):
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (قذف) 3/ 2907، "مقاييس اللغة" (قذف)، "القاموس المحيط" (قذف) (843)، "الصحاح" (قذف) ص 4/ 1414، "لسان العرب" (قذف) 6/ 3560.
ويشهد لهذا المعنى قوله سبحانه في سورة [النور: 23]: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
(¬2) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 161، "الكشف والبيان" 3/ 17 ب، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 195.
(¬3) "تهذيب اللغة" (يم) 4/ 3984.
(¬4) نفسه.
(¬5) اختلف في نسبة هذا البيت.

الصفحة 394