وقال أبو إسحاق: (ضَلَلْتُ الشيء أَضِلُّه إذا جعلته في مكان لم تدر أين هو، وأَضْلَلْتُه أضعته) (¬1). وتقدير الآية: لا يضله ربي ولا ينساه، يعني به الكتاب، ويجوز لا يضلها ولا ينساها، يعني به القرون. هذا كلامهما، والمعنى على ما ذكر الفراء: لا يخطئ ربي كما ذكره الكلبي. وعلى ما ذكر أبو إسحاق معنى يضل: ينسى. وقد قال مجاهد: (يضل ربي ولا ينسى هما شيء واحد) (¬2). وقال السدي: (لا يغفل ولا يترك شيئًا) (¬3). فجعل النسيان بمعنى: الترك. وفي قول مجاهد النسيان معناه: ضد الذكر.
وقال أبو عمرو: (يقال أَضْلَلْتُ بعيري: إذا كان معقولاً فلم يهتد لمكانه، وأَضْلَلْتُه إِضْلاَلاً: إذا كان مطلقًا فذهب ولا يدري أين ذهب وأخذ، وكل ما جاء من الضَّلال من قِبَلِك قلت: ضَلَلْتُه، وما جاء من المفعول به قلت: أَضْلَلْته. قال: وأصل الضلال: من الغيبوبة، يقال: ضَلَّ الماء في اللبن إذا غاب، وضَلَّ الكافر غاب عن الحجة، وضَلَّ الناسي إذا غاب عن حفظه) (¬4).
وقوله تعالى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} أي: لا يغيب عن شيء ولا يغيب عنه شيء.
وقال ابن الأنباري: (مذهب مقاتل في هذه الآية: أن عدو الله فرعون كان قد قال له مؤمن آل فرعون: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 359.
(¬2) "جامع البيان" 16/ 173، "الكشف والبيان" 3/ 19 أ، "بحر العلوم" 2/ 345 , "الدر المنثور" 4/ 538.
(¬3) "بحر العلوم" 2/ 345.
(¬4) "تهذيب اللغة" (ضل) 3/ 2129، "لسان العرب" (ضلل) 5/ 2602.