وقوله تعالى: {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} السلك: إدخال الشيء في الشيء يسلكه فيه قال الله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42]، والطاعن يسلك الرمح في المطعون (¬1). أدخل في الأرض لأجلكم طرقًا تسلكونها، كما قال ابن عباس: (سهل لكم فيها طرقًا) (¬2).
ولما كانت الطرق المسلوكة ممتدة على الأرض ظاهرة عليها جعلت كأنها مسلوكة فيها، وإن كانت من الأرض تشبيهًا بالشيء الذي يسلك في الشيء. {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} يعني: المطر {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} قال صاحب النظم: (تم الإخبار والحكاية عن موسى عند قوله: {مَاءً} ثم أخبر الله تعالى عن نفسه متصلاً بالكلام الأول بقوله: {فَأَخْرَجْنَا} يدل على هذا قوله: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: 54]، قال: وقد قيل: إن معناه مضاف إلى موسى على تأويل: الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا نحن معاشر عباده {بِهِ} بذلك الماء {أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} على الحراثة، أي: إنما حرثناه بذلك الماء، ولولا ذلك الماء ما نبت كما قال سبحانه: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63]، فأضاف الحراثة إليهم) (¬3).
وقوله: {أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} قال ابن عباس: (يريد أصنافًا من النبات مختلفة) (¬4). وقال الكلبي: ({شَتَّى} مختلفاً ألوانه أبيض وأحمر
¬__________
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" (سلك) 2/ 173، "مقاييس اللغة" (سلك) 3/ 97 , "القاموس المحيط" (سلك) ص 943، "الصحاح" (سلك) 4/ 1591، "لسان العرب" (سلك) 4/ 2073.
(¬2) "معالم التنزيل" 5/ 278، وذكره الطبري في "تفسيره" 16/ 174 بدون نسبة.
(¬3) لم أقف على قول صاحب النظم. وذكر نحوه "المحرر الوجيز" 10/ 40، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 29، "التفسير الكبير" 22/ 68، "روح المعاني" 16/ 206.
(¬4) "جامع البيان" 16/ 174، "الدر المنثور" 4/ 539.