كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

وقال في رواية الوالبي: (لذوي التقى) (¬1).
وقال قتادة: (لذوي الورع) (¬2). وهذا معنى وليس بتفسير، وذلك أن ذا العقل يكون ورعًا تقيًا، ليس أن النهي تكون بمعنى الورع والتقى. وقال أهل المعاني: (إنما اختص أولو النهى؛ لأنهم أهل الفكر والاعتبار والتدبر والاتعاظ) (¬3).

55 - قوله تعالى: {مِنْهَا} أي: من الأرض، وجرى ذكرها عند قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} [طه: 53]، {خَلَقْنَاكُمْ} يعني خلق آدم من الأرض والبشر كلهم منه (¬4).
{وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} أي: بعد الموت {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} يريد عند البعث، يعني كما أخرجكم أولًا عند خلق آدم من الأرض. قال الزجاج: (لأن إخراجهم وهم تراب بمنزلة خلق آدم من تراب، فكأنه قال -والله أعلم-: ومنها نخلقكم تارة أخرى) (¬5). ومضى الكلام في تارة عند قوله: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى} [الإسراء: 69].

56 - وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ} يعني فرعون {آيَاتِنَا كُلَّهَا} يعني الآيات التسع ومضى تفصيلها (¬6). {فَكَذَّبَ} نسب جميع ذلك إلى الكذب،
¬__________
(¬1) "الكشف والبيان" 3/ 19 أ، "الدر المنثور" 4/ 539.
(¬2) "الكشف والبيان" 3/ 19 أ، "معالم التنزيل" 5/ 278، "الدر المنثور" 4/ 539.
(¬3) ذكره الفراء في "معاني القرآن" 2/ 181 والزجاج في "معاني القرآن" 3/ 359.
(¬4) ويشهد لهذا قوله سبحانه {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59].
(¬5) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 360.
(¬6) عند قوله سبحانه وتعالي: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} [الإسراء: 101].

الصفحة 424