أن الظروف تقع مواقع لا يقعها غيرها (¬1).
ومما جاء مثل هذا في التنزيل قوله تعالى: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر: 10]، فالظرف الذي هو (إذ) يتعلق بالمقت الأول؛ لأن المعنى: لمقت الله إياكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم الآن، فقوله: {إِذْ تُدْعَوْنَ} يتعلق بالمقت الأول، وقد وقع بعد الاختلاف عنه بقوله أكبر من مقتكم الآن، وهذا يحمل على أحد الوجهين الذين ذكرناهما من تقدير الحذف، كأنه قيل: مقتكم إذ تدعون، أو على أنه ظرف يتجوز فيه.
قال أبو علي الفارسي: (ولم نعلم في التنزيل مجيء (¬2) شيء من هذا إلا في الظرف) (¬3). ويجوز أن يكون الموعد في هذه الآية اسمًا لزمان الوعد، كقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 59]، فيكون مجيء الموعد اسمًا للزمان، كقولهم: كان هذا مقدم الحاج، ومبعث الجيوش، ومضرب الشُّوْل (¬4) أي: وقت قدومهم ووقت بعثهم، ووقت
¬__________
(¬1) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 226.
(¬2) في نسخة (س): (جيء).
(¬3) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 226.
(¬4) الشُّوْل من النوق: التي قد أتى عليها سبعة أشهر من يوم نتاجها، فلم يبق في ضروعها إلا شَول من اللبن، أي: بقية وأما الناقة الشائل بغير هاء: فهي التي ضربها الفحل فشالت بذنبها، أي: رفعته تري الفحل أنها لا قح، وذلك آية لقاحها.
انظر: "تهذيب اللغة" (شال) 2/ 1811، "مقاييس اللغة" (شول) 3/ 230، "القاموس المحيط" (شالت) (1021)، "الصحاح" (شول) 5/ 1742، "لسان العرب" (شول) 4/ 2363.