وحكى ابن الأنباري قولًا آخر للفراء وهو: (أن الألف في هذان شبهت بالألف في: تفعلان ويفعلان، فلما كانت تلك الألف لا تتغير في تثنية الفعل لم يغيروا هذه الألف في شبه الاسم) (¬1). وذكر علي بن عيسى النحوي (¬2) قولًا آخر فقال: (إنما جاز {إِنْ هَذَانِ} لضعف عمل {إِنً} وذلك أنها تعمل بالشبه للفعل وليست بأصل في العمل، ألا ترى أنها لما خففت لم تعمل، فلما ضعف عملها لم تعمل في هذان) (¬3).
هذا الذي ذكرنا كله وجه قراءة العامة. وقرا أبو عمرو: إن هذين بالياء (¬4). بخلاف المصحف، واحتجاجه في ذلك أنه روي: أنه غلط من الكتاب، وإن في الكتاب غلطًا ستقيمه العرب بألسنتها. يروي ذلك عن عثمان، وعائشة -رضي الله عنهما- (¬5).
¬__________
(¬1) ذكره نحوه الثعلبي في "الكشف والبيان" بلا نسبة 3/ 20 ب، والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 219.
(¬2) علي بن عيسى بن علي أبو الحسن النحوي، المعروف بالرماني، تقدمت ترجمته.
(¬3) ذكره الألوسي في "روح المعاني" 16/ 223.
(¬4) قرأ نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وعاصم: (إن هذان لساحران). وقرا أبو عمرو البصري: (إن هذين لساحران). انظر: "السبعة" ص 419، "الحجة" 5/ 229، "التبصرة" ص 260، "النشر" 2/ 321.
(¬5) "الكشف والبيان" 3/ 20 ب، "معالم التنزيل" 5/ 280، "المحرر الوجيز" 10/ 297، "زاد المسير" 5/ 297، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 216، "البحر المحيط" 6/ 255، "الإتقان" 1/ 182.
وقد رد العلماء هذا الأثر المروي عن عائشة وعثمان -رضي الله عنهما- من جهة إسناده ومتنه، فلا يصح الاحتجاج به على رد القراءة المتواترة الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "الفتاوى" 2/ 252: وقد زعم قوم أن قراءة من قرأ: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} لحن وأن عثمان -رضي الله عنه- قال: إن في المصحف =