أعمل الاسم إعمال المصدر (¬1).
ومن قرأ: بِمُلكنا بضم الميم فمعناه بقدرتنا وسلطاننا، يعني لم نقدر على ردهم، وأنكر أبو عبيد هذه القراءة (¬2)، فقال: (المُلْك إنما هو من السلطان والعزة، وأي مُلْك كان لبني إسرائيل يومئذ، وإنما كانوا بمصر مستضعفين) (¬3). كما قال الله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ} [الأعراف: 137] وقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 5]. فليس الأمر كما ذهب إليه؛ لأنه ليس معنى الملك هاهنا: السلطان الشديد والكبرياء، وإنما معناه: القدرة فقط (¬4). وأصل الملك راجع إلى معنى واحد ذكرناه عند قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4].
على أن أبا الحسن الأخفش حكى: (أن الملك مصدر في المالك) (¬5). وحكى الفراء: (مَالِي مُلْك أي: شيء أَمْلِكُه) (¬6). وعلى هذا معنى الوجوه كلها واحد (¬7).
¬__________
(¬1) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 245.
(¬2) لعل الإنكار للمعنى وليس للقراءة، فالقراءة ثابتة بالتواتر فلا يجوز إنكارها.
(¬3) "غريب الحديث" لأبي عيدة 3/ 136، "جامع البيان" 16/ 198، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 245.
(¬4) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 245.
(¬5) "الحجة للقراء السبعة" 5/ 245.
(¬6) "معاني الفراء" للفراء 2/ 189.
(¬7) قال ابن جرير الطبري "تفسيره" 16/ 199: وكل هذا الأقوال الثلاثة في ذلك متقاربات المعنى؛ لأن من لم يملك نفسه لغلبة هواه على ما أمر فإنه لا يمتنع في اللغة أن يقول فعل فلان هذا الأمر وهو لا يملك نفسه وفعله وهو لا يضبطها، =