كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

وهذا معنى ما ذكره قتادة في قوله: {لَا مِسَاسَ} قال: (عقوبة لهم) (¬1). ومعنى: أن ذلك في الحياة أي: أنك ما دمت حيًّا تعاقب بهذه العقوبة فإذا صرت إلى الآخرة جوزيت بما تستحق، وهو قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا} قال ابن عباس: (يريد موعد القيامة) (¬2). والموعد هاهنا هصدر يعني أن لك وعدًا لعذابك {لَنْ تُخْلَفَهُ} وقرئ: بفتح اللام (¬3)، فمن كسر اللام كان المعنى: لن تخلف ذلك الوعد أي: ستأتيه ولا مذهب لك عنه، ومن فتح اللام كان المعنى: لن تخلف ذلك الوعد أي: سيأتيك به الله ولن يتأخر عنك.
قال أبو إسحاق: (أي يكافئك الله على ما فعلت في القيامة والله لا يخلف الميعاد. ومن قرأ: {لَنْ تُخْلَفَهُ} فالمعنى: أنك تبعث وتوافي القيامة لا تقدر على غير ذلك) (¬4).
وقوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} قال ابن عباس: (يريد الذي طفقت تعبده وظللت عليه مقيمًا) (¬5). وظلْتَ أصله. ظلَلت.
¬__________
(¬1) "تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 18، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 242، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 183، "الدر المنثور" 4/ 548.
(¬2) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 242 بدون نسبة.
(¬3) قرأ نافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: (لن تخلَفه) بفتح اللام. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: (لن تخلِفه) بكسر اللام. انظر: "السبعة" ص 424، "الحجة" 5/ 249، "حجة القراءات" ص 463، "التبصرة" ص 261.
(¬4) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 375.
(¬5) "جامع البيان" 16/ 207، "زاد المسير" 5/ 319، "فتح القدير" 3/ 549.

الصفحة 512