وذكر ابن قتيبة فقال: (أي بيض العيون من العمى قد ذهب الناظر والسواد) (¬1). وهذا كلامه كما قال؛ لأن العرب تسمى كل أبيض صافي البياض: أزرق، ويقال للمياه الصافية: زرق، قال زهير (¬2):
فلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقًا جِمَامهُ ... وَضَعْنَ عِصيّ الحَاضِر المتَخَيَمِ
ويقال للأسنة: زرق لصفاء لونها (¬3). وهذا التفسير يوافق قوله: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا} [الإسراء: 97]، وحكى الفراء، والزجاج في تفسير {زُرْقًا}: (عطاشا) (¬4).
ورواه أيضًا أبو العباس عن ابن الأعرابي (¬5).
قال أبو إسحاق: (ومن قال: عطاشا فجيد أيضًا؛ لأنهم من شدة العطش يتغير سواد أعينهم، حتى يزرق) (¬6). وهذا الذي ذكره صحيح؛ لأن
¬__________
(¬1) "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 282.
(¬2) البيت لزهير بن أبي سلمى.
زرقاء: الزرقة: شدة الصفاء، يقال: ما أزرق إذا اشتد صفاؤه.
جِمَامَة: الجمام جمع جم الماء، وجمته وهو: ما اجتمع منه في البئر والحوض وغيرهما. وضع العصي: كناية عن الإقامة. الحاضر المتخيم: الحاضر النازل على الماء والمتخيم المقيم، وأصله من تخيم إذا نصب الخيمة.
انظر: "ديوان زهير" ص 78، "المحرر الوجيز" 10/ 91، "البحر المحيط" 6/ 279، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص 133، "شرح المعلقات السبع" للزوزني ص 141، "تهذيب اللغة" (زرق) 2/ 1525، "لسان العرب" (زرق) 3/ 18027.
(¬3) انظر: "تهذيب اللغة" (زرق) 2/ 1525، "القاموس المحيط" (الزرق) 3/ 240، "لسان العرب" (زرق) 3/ 1827.
(¬4) "معاني القرآن" للفراء 2/ 191، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 376.
(¬5) "تهذيب اللغة" (زرق) 2/ 1525.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 376.