العطش يؤثر في العين، ومن مات عطشا ظهر ذلك في سواد عينيه، ويشهد لهذا التفسير قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86]. وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي في تفسير {زُرْقًا}: (طامعين فيما لا ينالونه) (¬1). ووجه هذا التفسير: أن من يتطلع إلى شيء وطال به انتظاره يقول: قد ابيضت عيني بطول انتظاري (¬2).
103 - قوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ}. قال ابن عباس والمفسرون: (يتسارون بينهم) (¬3)، وذكرنا معنى هذا الحرف عند قوله: {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} وذلك لهول ما عاينوا نسوا مقدار مدة لبثهم في الدنيا، فيقولون هذا القول (¬4).
وقيل: (يذهب عنهم طول لبثهم في الدنيا فيقولون هذا القول) (¬5).
وقيل: (يذهب عنهم طول لبثهم في قبورهم لشدة ما يرون من أحوالهم التي دهمتهم فكأنهم كانوا نيامًا فانتبهوا) (¬6).
وقال عطاء عن ابن عباس: ({إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} يريد من النفخة
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (زرق) 2/ 1525.
(¬2) ويشهد لهذا قوله تعالى في سورة يوسف الآية رقم (84): {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}.
(¬3) "جامع البيان" 16/ 211، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 51، "النكت والعيون" 3/ 425، "معالم التنزيل" 5/ 294، "المحرر الوجيز" 10/ 92.
(¬4) "جامع البيان" 16/ 211، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 51، "معالم التنزيل" 5/ 294، "زاد المسير" 5/ 321، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 245.
(¬5) "جامع البيان" 16/ 211، "الكشف والبيان" 3/ 24 ب، "زاد المسير" 5/ 321.
(¬6) "الكشف والبيان" 3/ 24 ب، "النكت والعيون" 3/ 425، "معالم التنزيل" 5/ 294، "زاد المسير" 5/ 321.