كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

أخذت الشيء عَنْوَة أي: غلبة بذل المأخوذ منه، ومن صريح التفسِر وعنت. قال: (والعاني الأسير، والعاني العبد) (¬1). وقال الفراء: (عَنَا يَعْنُوا عَنْوا إذا خضع، وقولهم: أخذت الشيء عَنْوة يكون غلبة، ويكون عن تسليم وطاعة ممن يؤخذ منه الشيء؛ لأنه على طاعة الذليل للعزيز) (¬2). وأنشد أهل التفسير في {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} بمعنى: ذلت وخضعت، قول أمية (¬3):
مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاء مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّته تَعْنُو الوجُوهُ وتَسْجُدُ
وفسر طلق بن حبيب (¬4) عَنْو الوجوه في هذه الآية: (بالسجود) (¬5). هذا الذي ذكرنا قول أكثر أهل التأويل. وقال الكلبي: (وعملت الوجوه. قال: ويقال نصبت) (¬6).
واختاره الفراء فقال في تفسيره: (يقال: نصبت به، وعملت له) (¬7). وعلى هذا عَنَت من العَنَا بمعنى التعب، والعَنَا: الحبس في شدة وذل، هذا أصل معناه، ثم قيل لكل تعب: عَنَا، يقال: لقيت من فلان عَنْيَة وعَنَاء أي: تَعَبا، وعَنَّيْتُه أُعَنِّيه تَعْنِية إذا أسرته فحبسته مضيقا عليه في الشدة، وكل حبس
¬__________
(¬1) "مجاز القرآن" 2/ 30، "تهذيب اللغة" (عنا) 3/ 2580.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 192.
(¬3) البيت لأمية بن أبي الصلت. انظر: "الكشف والبيان" 3/ 25، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 248.
(¬4) تقدمت ترجمته في سورة الإسراء.
(¬5) "جامع البيان" 16/ 216، "الكشف والبيان" 3/ 25 أ، "النكت والعيون" 3/ 428، "معالم التنزيل" 5/ 296، "المحرر الوجيز" 10/ 96، "الدر المنثور" 4/ 552.
(¬6) "النكت والعيون" 3/ 427، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 248.
(¬7) "معاني القرآن" للفراء 2/ 192.

الصفحة 534