كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

هذا نهى عن تلاوة الآية التي تنزل عيه، وإملائه على أصحابه قبل أن يتبين له معناها.
وهذا معنى رواية عطية عن ابن عباس قال: (لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله) (¬1).
وذكر بعض أهل التفسير أن معنى هذه الآية: (لا تسأل إنزال القرآن من قبل أن يأتيك وحيه) (¬2). وروى جرير (¬3) عن الحسن في سبب نزول هذه الآية: (أن رجلاً لطم امرأته، فجاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تطلب القصاص فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما القصاص، فأنزل الله هذه الآية، فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى نزلت: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]) (¬4). ولا تعلق لهذه الآية في القصة التي ذكرها الحسن حتى يقال إنها نازلة فيها، إلا لقوله: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم بالقصاص، وأبى الله ذلك وأنزل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} وقد تقدم بيانه (¬5). وأمره في هذه الآية
¬__________
(¬1) "جامع البيان" 16/ 220، "الكشف والبيان" 3/ 25 ب.
(¬2) "النكت والعيون" 2/ 429، "زاد المسير" 5/ 325، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 250.
(¬3) جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي، البصري أحد التابعين وعد من صغارهم، روى عن: الحسن وابن سيرين وقتادة وغيرهم وروى عنه: ابنه وابن المبارك وغيرهما، وثقة أكثر العلماء، توفي -رحمه الله- سنة 175.
انظر: "الجرح والتعديل" 2/ 504، "ميزان الاعتدال" 1/ 392، "تهذيب التهذيب" 2/ 69.
(¬4) "بحر العلوم" 356/ 2، "زاد المسير" 5/ 326، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 250، "الدر المنثور" 4/ 553، "لباب النقول في أسباب النزول" 68.
(¬5) عند قوله سبحانه في سورة النساء الآية رقم (34): {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} الآية.

الصفحة 541