وقد أكل آدم من الشجرة التي نهي عنها باستزلال إبليس وخداعه إياه بالله والقسم إنه لمن الناصحين (¬1)، حين دلاه بغرور ولم يكن ذنبه عن إرصاد وعداوة وإرهاص كذنوب أعداء الله، فنحن نقول: عصى وغوى، كما قال الله في القرآن ولا نقول: آدم عاص وغاوي؛ لأن ذلك لم يكن عن اعتقاد متقدم، ولا نية صحيحة كما تقول لرجل قطع ثوبه وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقول: خياط حتى يكون معاودًا لذلك الفعل معروفًا به (¬2).
122 - وقوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ} قال ابن عباس: (اصطفاه وتاب عليه) (¬3). عاد عليه بالعفو.
{هَدَى} قال الكلبي: (هداه بالتوبة) (¬4).
123 - {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا} قال ابن عباس: (يريد آدم وإبليس) (¬5).
¬__________
(¬1) ويشهد لهذا قوله سبحانه في سورة الأعراف الآية رقم (21): {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}.
(¬2) قال أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" 3/ 1261: "لا يجوز لأحد منا اليوم أن يخبر بذلك عن آدم إلا إذا ذكرناه في أثناء قوله تعالى عنه، أو قول نبيه، فأما أن يتبدئ ذلك من قبل نفسه فليس بجائز في آبائنا الأدنين إلينا، المماثلين لنا، فكيف في أبينا الأقدم الأعظم الأكرم النبي المقدم، الذي عذره الله -عز وجل- وتاب عليه وغفر له). وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 255، "التفسير الكبير" 22/ 128، "أضواء البيان" 4/ 538.
(¬3) ذكره الطبري في "جامع البيان" 16/ 224، بدون نسبة، وكذلك البغوي في "معالم التنزيل" 5/ 300.
(¬4) ذكر هـ السمرقندي في "بحر العلوم" 2/ 357 بدون نسبة. وكذلك البغوي 5/ 300.
(¬5) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" 16/ 224، "بحر العلوم" 2/ 357، "زاد المسير" 5/ 330، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 258. =