127 - {وَكَذَلِكَ} كما ذكرنا {نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ} قال ابن عباس: (أشرك) (¬1). {وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} لا أفظع وأعظم مما ذكر في عذاب القبر، وهذا يدلس على أن المراد بقوله: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} عذاب القبر.
128 - قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} نبين لهم إذا نظروا يعني لكفار مكة {كَمْ أَهْلَكْنَا} قال الفراء: ({كَمْ} في موضع نصب بأهلكنا، ومثله من الكلام: أو لم يتبين لكم من يعمل خيرًا يجز به، فجملة الكلام فيها معنى رفع، ومثله أن تقول: قد تبين لي أقام عبد الله أم زيد) (¬2).
قال أبو إسحاق: (والمعنى أفلم يتبين لهم الأمر بإهلاك من قبلهم من القرون) (¬3).
¬__________
= 3/ 26 أ، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 58، "بحر العلوم" 2/ 358، "معالم التنزيل" 5/ 301، "المحرر الوجيز" 10/ 108، "الدر المنثور" 4/ 558.
(¬1) ذكره الثعلبي في "تفسيره" 16/ 231 بدون نسبة، وذكره "الدر المنثور" 4/ 559 ونسبة لسفيان.
(¬2) "معاني القرآن" للفراء 2/ 195.
قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" 16/ 167 بعد أن ذكر قول الفراء: (وليس الذي قال الفراء من ذلك كما قال: لأن كم وإن كانت من حروف الاستفهام فإنها لم تجعل في هذا الموضع للإستفهام بل هي واقعة موقع الأسماء الموصوفة، ومعنى الكلام ما قد ذكر قبل وهو أفلم يتبين لهم كثرة إهلاكنا قبلهم القرون التي يمشون في مساكنهم، أو أفلم تهدهم القرون الهالكة، وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: أفلم يهد لهم من أهلكنا، فكم واقعة موقع من في قراءة عبد الله هي في موضع رفع بقوله: يهد لهم، وهو أظهر وجوهه وأصح معانيه، وإن كان للذي قاله وجه ومذهب على بعد).
(¬3) "معاني القرآن" للزجاج 3/ 379.