كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 14)

وقوله تعالى: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يعني: أهل مكة كان يتّجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، وفيها علامات الإهلاك يقول: فلا يخافون أن يقع بهم مثل ما وقع بالذين رأوا مساكنهم (¬1).

129 - وقوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} أي: في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة وهو قوله: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى} يعني القيامة وهو عطف على الكلمة، وقد أخر عن موضعه والتقدير: ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزامًا (¬2). هذا قول الجميع.
وقال مجاهد: [{وَأَجَلٌ مُسَمًّى} يعني الدنيا (¬3). وعلى هذا الأجل في تركهم عن العذاب، ومن قال: هو القيامة] (¬4) فهو أجل تعذيبهم، واللِزَام يجوز أن يكون فعالا من الملازمة، ويجوز أن يكون مصدرًا كاللزوم، والمعنى: لكان العذاب لازمًا لهم، فهو مصدر وصف به، وأضمر اسم كان، وهو العذاب لتقدم ذكره وللعلم به (¬5)، والمعنى: لعذبوا في الدنيا ولزمهم العذاب كما لزم القرون الماضية لما كذبوا الرسل، هذا معنى الآية.
¬__________
(¬1) "جامع البيان" 16/ 231، "معالم التنزيل" 5/ 352، "المحرر الوجيز" 10/ 111، "زاد المسير" 5/ 333، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 260.
ويشهد لهذا قوله سبحانه في سورة إبراهيم الآية رقم: (45): {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ}.
(¬2) "جامع البيان" 16/ 232، "الكشف والبيان" 3/ 26 أ، "بحر العلوم" 2/ 358، "النكت والعيون" 2/ 432، "الدر المنثور" 4/ 559.
(¬3) "جامع البيان" 16/ 232.
(¬4) ما بين المعقوفين مكرر في الأصل وفي نسخة (س).
(¬5) انظر: "تهذيب اللغة" (لزم) 4/ 3260، "القاموس المحيط" (لزم) 4/ 175، "الصحاح" (لزم) 5/ 2029، "لسان العرب" (لزم) 7/ 4027.

الصفحة 555