كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 15)

وانتقالهم عما قالوه أولا إلى آخر.
والمعنى: أنهم قالوا في القرآن قول متحير قد بهره ما سمع؛ فمرة يقول: سحر، ومرة يقول: شعر، ومرة يقول: افتراء، لا يجزم على أمر واحد (¬1).
وقوله تعالى: {فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} قال ابن عباس: مثل الناقة التي أتى بها صالح، والعصا التي أتى بها موسى (¬2).
قال أبو إسحاق: فاقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال إذا كُذّب بها (¬3).
وفي الآية حذف يدل عليه الكلام، على تقدير: كما أرسل الأولون بالآيات.

6 - فقال الله تعالى مجيبا لهم: {مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ} قبل (¬4) مشركي مكة {مِنْ قَرْيَةٍ} يعني أهلها {أَهْلَكْنَاهَا} وصفٌ للنكرة التي هي قرية (¬5).
والمعنى: ما آمنت (¬6) قرية مهلكة بالآيات المرسلة {أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ} يعني: أنَّ الأمم التي أهلكناها بتكذيبها بالآيات لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم، فكيف يؤمن هؤلاء؟
ووجه الاحتجاج عليهم من هذه الآية هو أن مجيء الآيات لو كان
¬__________
(¬1) ذكر الطوسي في "التبيان" 7/ 203 - 204 هذا المعنى من غير نسبة لأحد.
(¬2) ذكره الألوسي في "روح المعاني" 17/ 11. وروي الطبري 17/ 4 عن قتادة نحوه.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 3/ 384.
(¬4) في (د)، (ع): (من).
(¬5) انظر: "المحرر الوجيز" لابن عطية 10/ 126، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري 2/ 130.
(¬6) في (أ)، (ت): (ما أتت).

الصفحة 19