كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 15)

بالخراب؛ فيتعظوا بذلك، ويخافوا من عقوبة الله وبأسه، مثل الذي (¬1) نزل بهم. ونحو هذا قوله {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25]. انتهى كلامه (¬2).
ثم ذكر الله تعالى أنَّ (¬3) أبصارهم الظاهرة لم تعم عن النظر، وإنما عميت أبصار (¬4) قلوبهم فقال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ}.
قال الفراء: الهاء هاء عماد يوفى (¬5) بها "إنَّ" ويجوز مكانها "إنَّه"، وكذلك هي في قراءة عبد الله (¬6).
وقال غيره: هي إضمار على شريطة التفسير. والمعنى: فإنَّ الأبْصار لا تعمى. ويجوز أن تكون الهاء لإضمار القصة. وذكرنا هذه الأقوال مشروحة في تفسير قوله {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97].
وقوله: {الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ذكر الفراء وأبو إسحاق (¬7): أن هذا من التوكيد الذي تزيده العرب في الكلام، كقوله {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196]. وقوله: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ} [آل عمران: 167]، وقوله {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38]. والتوكيد جار في الكلام مبالغ في الإفهام.
وقال غيرهما: هذا التوكيد فائدته أنه يمنع من ذهاب الوهم إلى غير
¬__________
(¬1) (الذي): ساقطة من (أ).
(¬2) "مشكل القرآن" لابن قتيبة ص 10.
(¬3) (أن): ساقطة من (أ).
(¬4) (أبصار): ساقطة من (أ).
(¬5) عند الفراء. تُوَفّى.
(¬6) "معاني القرآن" للفراء 2/ 228.
(¬7) "معاني القرآن" للفراء 2/ 228، و"معاني القرآن" للزجاج 3/ 432.

الصفحة 444