كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 15)

اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19، 20] ألقى الشيطان في أمنيته حتى وصل به "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي" ثم قرأ السورة كلها حتى بلغ آخرها، فسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسجد أصحابه معه، وسجد المشركون لذكره (¬1) آلهتهم، وفرحوا بذلك، وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، فأتاه (¬2) جبريل -عليه السلام-، وأخبره بما جرى من الغلط على لسانه، وقال: معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا. فاشتد ذلك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله هذه الآية، ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه، فقال المشركون: قد ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتنا عند الله، وازدادوا شرًّا إلى ما كانوا عليه، وأما المؤمنون فقالوا -حين نسخ الأولى-: آمنا بما قال محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذا قول ابن عباس (¬3)،
¬__________
(¬1) في (أ): (لذكر).
(¬2) في (د)، (ع): (فأتى).
(¬3) ورد هذا القول عن ابن عباس من طرق، وكلها لا تخلو من مقال.
الطريق الأول: طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس: رواه أبو بكر البزار في "مسنده" (كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" للهيثمي 3/ 72)، والطبراني في "الكبير" 12/ 53 من طريق أميَّة بن خالد، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -فيما أحسب، أشك في الحديث-: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان بمكة، فقرأ سورة النجم حتى انتهى إلى قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} فجرى على لسانه -وفي رواية الطبراني: ألقى الشيطان على لسانه- تلك الغرانيق العلي فذكره بنحوه مختصرًا.
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد، وأميّة بن خالد ثقة مشهور، وإنما يعرف هذا من حديث الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس. اهـ.

الصفحة 453